علم الضحايا

على الرغم من دراسة سلوك الجناة وتأثير الجريمة لها تاريخ طويل، إلا أن الكيفية التي يؤثر بها الإيذاء على حياة الضحايا لم تتم دراستها بنفس القدر من الاهتمام حتى وقت قريب. وفي الوقت الراهن، أدرك صانعو السياسات والممارسون والأكاديميون والناشطون على حد سواء أهمية دراسة النصف الآخر من علاقة الجريمة. في الواقع، هذه فترةت مثيرة في دراسات علم الضحايا – وهو مجال أكاديمي ينمو بسرعة واضحة. ومن هنا، فإن هذا الكتاب يملأ فراغا في ما هو متاح حاليا في مجال البحث. وكما نذكر في ما يلي، فهو كتاب يتضمن فصولا موجزة تغطي الأساسيات في علم الضحايا. بالإضافة إلى ذلك، فإنه يستخدم إطارا متسقا طوال الوقت لتوجيه القارئ أثناء معالجة أحدث الموضوعات في مجال علم الضحايا.

ولقد حاولنا إدراج إطار عام في كل فصل؛ إطار يبحث أسباب وعواقب أنواع معينة من الإيذاء وردود الفعل عليها. وكان هدفنا هو وضع عمل شامل وفي نفس القوت مكتوب بلغة سهلة يستعرض الكثير من أنواع الإيذاء داخل إطار مشترك بحيث يمكن التعرف بسهولة على أوجه التشابه والاختلاف بينها.

وفي هذا الإطار، نولي اهتماما خاصا لتحديد خصائص كل من الضحايا والحوادث بحيث يمكن تطبيق النظرية لفهم سبب أن بعض الأشخاص يقعون في دور الضحايا بينما يظل البعض الآخر سالمين. وعلى الرغم من أن أولى المحاولات في دراسة علم الضحايا كانت تركز على تحديد أنماط الضحايا، إلا أن الجانب النظري في هذا المجال اغافل عن هذه النقطة في بدايات علم الجريمة. وبصرف النظر عن نظريات الأنشطة الروتينية ونظرية أنماط الحياة، هناك القليل من النظريات التي تحدد صراحة أسباب الإيذاء. هذا لا يعني أن حقل علم الضحايا يخلو من النظريةات –الأمر فقط أن النظريات التي تم تطبيقها على الإيذاء مشتقة إلى حد كبير من مجالات الدراسة الأخرى. ولذلك قمنا بتضمين فصل يناقش هذه النظريات. بالإضافة إلى ذلك، في كل فصل حول نوع معين من الإيذاء، حددنا الأسباب وكيف يمكن تطبيق النظرية. إن معرفة ذلك هي خطوة أولى حاسمة في الوقاية من الإيذاء ورد الإيذاء.

ولقد أردنا أيضا أن ندرج في الكتاب القضايا الناشئة في مجال علم الضحايا. وتحقيقا لهذه الغاية، يناقش كل فصل القضايا الحالية وثيقة الصلة بموضوع الفصل وأحدث الأبحاث. فمثلا، في فصل الاعتداء الجنسي يتم تغطية عنف الشريك الحميم بشكل متعمق، وكذلك التنمر عبر الإنترنت، إيذاء سرقة الهوية، والاتجار بالبشر؛ وهناك فصول أخرى تتناول بالكامل القضايا المعاصرة. وعلى وجه التحديد، هناك فصل مخصص للتداخل بين الضحية والجاني، وفصل للإيذاء المتكرر، وفصل لضحايا القتل، وفصل للضحايا الذين يعانون من مرض عقلي، والضحايا المسجونين، والضحايا الذين يعانون من إعاقات.

ونحن نعتقد أن إدراج أحدث القضايا في مجال علم الضحايا سيعرض القارئ للموضوعات التي من المحتمل أن تحظى بأكبر قدر من الاهتمام في السنوات القادمة. وفي جميع أنحاء الكتاب، نقوم بتضمين المعلومات ذات الصلة حول علم الضحايا في جميع أنحاء العالم. والقيام بذلك يسمح للقارئ بالتعرف على كيفية تعريف الإيذاء وقياسه في الدول المختلفة وكيفية معاملة الضحايا في الدول خارج الولايات المتحدة.

ويغطي هذا الكتاب تلك الموضوعات مع تسليط الضوء على البحث التجريبي الذي يرتبط بقضية كل فصل. بالإضافة إلى ذلك، يستخدم كل فصل مثالا "حقيقيا" من الأخبار لربط المشكلات في علم الضحايا بالأحداث الجارية.