الدافعية النظرية والبحوث والتطبيقات

لقد وجدنا أن دراسة الدافعية Motivation واحدة من أكثر الموضوعات سحرًا وتعقيدًا في مجال علم النفس. وسحرها يأتي من حيث أن الناس يريدون معرفة لماذا يسلكون أو يتصرفون بهذه الطريقة التي يسلكون بها – لأجل فهم العمليات التي تنشط سلوكياتهم، ومعقدة لأنها تدخل في صميم الكثير من موضوعات التخصص في علم النفس وترسم خطا لها من كل هذه الفروع. وعلى ذلك، فسوف تجد في هذا الكتاب تفسيرات فسيولوجية، وتعليمية ومعرفية للسلوك.

ولعل دوافع لتأليف هذا الكتاب، دوافع مركّبة أيضا. أولا، نحن نشعر بأن كتاب في الدافعية يجب أن يغطّي بالتفصيل الجوانب الرئيسة المقترحة من أصحاب النظريات على اختلاف تخصصاتهم وخلفياتهم، وكأول كتاب يجرى إعداده في موضوع الدافعية، ينبغي أن توضع مقدماته على قدر الإمكان بنظرة غير متحيزة لنظرية الدافعية. وعلى ذلك، فقد حاولنا تقديم المادة الخاصة بهذا الكتاب في شكل موضوعي ما أمكن ذلك، بما في ذلك تقديم كل من المزايا والعيوب لكل المناحي التي تمت مناقشتها.

كذلك نحن نعتقد أننا يجب أن نبدأ بتقديم الأفكار الأساسية للطلبة في الموضوع المطروح وكذلك بعض الاستنتاجات عن هذه الأفكار. فالطلبة غالبا ما "يتوهون وسط البيانات" ويفقدون بذلك النقاط الرئيسة. ولهذا السبب، فقد تجنبنا بشكل مقصود العرض الموسوعي للمجالات الرئيسة. وبدلا من ذلك، ركزنا على أنواع البحوث التي تم تنفيذها لاختبار الأفكار الأساسية، سواء البحوث "التقليدية" القديمة أو البحوث المعاصرة الحديثة. ونحن كما نرى، نعرف أن كتاب عن الدافعية يجب أن يقدم معلومات أساسية ضرورية من أجل عمل خلفية جيدة في العمليات الدافعية، ويسمح في نفس الوقت للمدرّسين بتقديم مادة إضافية مرتبطة بمجالات متعددة. هذا الكتاب يقدم المعلومات الأساسية التي يستطيع المدرّسون البناء عليها.

نظرية الدافعية في بعض الأحيان تكون صعبة على الطلبة لأنها تحتاج إلى طرق من التفكير غالبا ما تكون غير موجودة في خبرات الحياة اليومية. ولهذا السبب، فقد بذلنا مزيداً من الجهد لتقديم أمثلة من الحياة اليومية كلما كان ذلك ممكنا. وقد حاولنا كذلك أن نستعمل لغة بسيطة ومباشرة.

وينقسم هذا الكتاب إلى ثلاثة مجالات رئيسة: توجهات الدافعية التي تعتمد على المكونات البيولوجية، والتوجهات التي تعتمد على مكونات التعليم تلك التي تؤكد على أنها متعلمة، والتوجهات التي تؤكد على المكونات المعرفية. وخلال كل مجال من هذه المجالات حاولنا تقديم المادة العلمية بطريقة تسمح بفهم الفصول اللاحقة دون الإعتماد على قراءة الفصول السابقة. وتسمح استقلالية الفصول للمدرس بالاختيار بناء على الاتجاه الخاص به في موضوع الدوافع بشكل أفضل.