المدخل الى علم النفس

لقد شهد النصف الثاني من القرن العشرين تطورات سريعة في ميدان علم النفس شملت كافة مجالاته

وفروعه، فلقد حاول علماء النفس طيلة السنوات الماضية من القرن الحالي دراسة الجوانب المختلف

لسلوك الأفراد والجماعات محاولين من وراء ذلك التعرف على الأسس التي يستند إليها هذا السلوك وعلى

الدوافع التي تحركه هذه الوجهة أو تلك. ومن الجدير بالذكر أن الدراسات النفسية قد غزت مختلف

البيئات والأجواء التي يعيش فيها الأفراد أو يعملون فيها، وذلك مثل: البيت، والمدرسة، والمصنع، والمتجر،

والجيش، ومراكز التدريب، وما شابه. لقد حاول علم النفس دراسة تطور الأفراد من الوجهة البيولوجية،

وكذلك تطور ذكائهم وقدراتهم على التعلم، كما حاول التعرف على خصائص سلوك هؤلاء في كل مرحلة

من مراحل عمرهم، وعلى تكون العادات والاتجاهات عندهم، كذلك حاول دراسة العوامل التي تساعدهم

على حسن التكيف مع أنفسهم ومع البيئات والأفراد من حولهم. لقد عني علم النفس بمساعدة الفرد على

تفهم ذاته وتحديد قدراته وطاقاته والتأقلم مع مستوى هذه القدرات والطاقات، كما عني بمساعدته على

تفهم العالم من حوله والتأقلم مع طبيعة هذا العالم والعوامل السائدة فيه. وبعبارة أخرى، فقد عني علم

النفس بدراسة النفس البشرية من كافة وجوهها لمساعدتها على حسن التكيف وبلوغ المستوى الأعلى

في القيم الخيرة، إلى غير ذلك. من هنا كانت معرفة الفرد بماهية علم النفس ونتائج الدراسات الخاصة به

ضرورية لا غنى عنها لكل فرد من أفراد المجتمع لا سيما وأننا نعيش في عالم سريع التغير والتطور، يشعر

فيه الفرد بالكثير من عدم الطمأنينة وعدم الاستقرار ويحتاج إلى عمليات تكيف مستمرة.

وقد حرصنا في هذا المؤلف، كما تحرص المؤلفات المناظرة في علم النفس العام، على إعطاء القارئ

فكرة عامة عن المبادئ الأولية والمفاهيم الأساسية في مجالات علم النفس التي يمكنه أن يستفيد منها

بشكل أو بآخر. ولذلك فقد تضمن هذا المؤلف فصولًا عامة تشتمل على ماهية علم النفس العام، والأسس

البيولوجية والاجتماعية للسلوك، مع عرض سريع لمواضيع الإدراك والتفكير واللغة، وكذلك لمواضيع التعلم

والذكاء والإبداع، بالإضافة إلى فكرة عامة عن الشخصية والدوافع والانفعالات والصراع والإحباط. وقد

حرصنا على أن يأتي عرضنا للمادة وافيًا من جهة، وأن يسهل على القارئ العادي فهمه والإلمام به دون

تذكر، من جهة أخرى.